“الصفر” الأهم والأغلي في التاريخ.. العالم يترقب قمة جلاسكو
لم تعد أزمة التغير المناخي، مجرد مشكلة عابرة، أو أزمة يمكن التغافل عنها، بل تحولت إلى مشكلة تؤرق دول العالم سواء المتقدمة أو النامية.
لن ينجو أحد من تبعات التغير المناخي، فالعالم قد يتغير كليا، والكوارث لن تفرق بين شمال العالم وجنوبه، وهو ما يستوجب وقوف البشرية صفا واحدا في مواجهة هذا الخطر الكبير.
مؤتمر التغير المناخي 2021
9 أيام تفصلنا عن انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، في دورته الـ26، الذي تستضيفه مدينة جلاسكو الأسكتلندية، وسط جهود دولية حثيثة لمواجهة الاحتباس الحراري، أملا في الوصول للصفر الأهم والأغلي بتاريخ العالم “صفر انبعاثات”.
موعد قمة المناخ 2021
في شبه تكتل عالمي من أجل حلم الصفر الأهم، تعقد قمة المناخ (COP26) في جلاسكو، في الفترة من 31 أكتوبر/تشرين الأول حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ضمن سقف توقعات عالٍ بالتعامل مع مشكلات التغير المناخي، التي تضرب الكوكب، برعاية الأمم المتحدة
وأكد أكثر من 120 قائدًا عالميًا حضورهم للقمة، وهو ما يوضح بشكل جلي مدى الاهتمام العالمي بالحدث، كونه يمثل الخطر الأأكبر الذي يهدد البشرية.
مؤتمر COP 26
و”COP 26″، هي اختصار للكلمات التي تعني “المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخي”.
مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021
يحظى كوب 26 باهتمام عالمي منقطع النظير، ليس فقط من قبل الدول المتقدمة ولكن من دول العالم الثالث أيضا، التي بدأت ترصد ميزانيات مالية، من أجل صفر انبعاثات.
بجانب الشركات والمدن والمؤسسات المالية، فإن 131 دولة حددت الآن أو تفكر في وضع هدف خفض الانبعاثات إلى صافي صفري بحلول منتصف القرن، وفقاً لموقع الأمم المتحدة.
وفي حين أن الصافي الصفري هو هدفٌ حاسمٌ طويل الأجل، فإن التخفيضات الحادة للانبعاثات – خاصةً من قبل أكبر مصادر انبعاثات غازات الدفيئة – ضروريةٌ في السنوات الخمس إلى العشر القادمة من أجل الحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية وحماية مناخٍ صالحٍ للعيش.
ومن بين 191 طرفاً في اتفاقية باريس، قدمت أكثر من 80 دولة حتى الآن خطة عملٍ وطنية جديدة أو محدثة – تسمى المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) – كما هو مطلوب بموجب الاتفاقية.
ولا تزال التخفيضات المجمعة للانبعاثات المخطط لها بحلول عام 2030 أقل بكثير من مستوى الطموح المطلوب لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.
الدول صاحبة أكبر نسبة من الانبعاثات
تساهم 10 دول فقط بالعالم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تتجاوز ثلثي الانبعاثات العالمية.
على رأس هذه الدول الصين والولايات المتحدة، يليهم الاتحاد الأوروبي، الهند، روسيا، اليابان، البرازيل، إندونيسيا، إيران، وكندا، وذلك وفقا لمعهد الموارد العالمية.
وأول ثلاثة في القائمة، يعتبرون الأكثر مساهمة في تصدير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 46% عالميا، بمعدل يفوق 16 مرة الـ 100 دولة الأقل تصديرا للانبعاثات، وتساهم المائة دولة فقط بنسبة 3% في تصدير الانبعاثات.
أهداف قمة المناخ 26
في تجمع باريس “مؤتمر الأطراف المشاركة في الاتفاقية الإطارية 21” تم تحديد الأهداف الرئيسية للجميع تفادياً لكارثة تغير المناخ، وتعهد جميع الموقعين بما يلي:
1- تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة
2- زيادة إنتاج الطاقة المتجددة
3- الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من 2 درجة مئوية (3.6 فهرنهايت) مع وضع هدف إيصالها إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت)
4- الالتزام بضخ مليارات الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ.
وتم الاتفاق على إجراء مراجعة للتقدم المحرز كل خمس سنوات. وكانت المراجعة الأولى لمؤتمر الأطراف مقررة في عام 2020، ولكن بسبب تفشي فيروس كورونا، أُجلت إلى العام الجاري 2021 في جلاسكو.
ضعف تحقيق الأهداف الحالية
أمام ضعف تحقيق الأهداف الموضوعة في قمة باريس، أصبحت زيادة الطموح حاجة ملحة من أجل الوصول إلى الهدف الأبرز وهو صفر انبعاثات.
فنسبة انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 كما هو محدد في المساهمات المحددة وطنيًا الحالية، ستكون 12% فقط.
ونسبة انخفاض الانبعاثات المطلوب تحقيقها بحلول عام 2030 للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة إلى ما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية، هي 45%.
صفر انبعاثات.. تريليون دولار سنويا
تفصل 100 مليار دولار بين الدول الغنية والفقيرة، في الطريق لتحقيق صفر انبعاثات، وتمثل هذه الأموال تهديداً للآمال المعقودة على إمكانية التوصل لصفقة هامة خلال قمة المناخ “كوب 26” المقرر انعقادها في اسكتلندا، بعد أيام قليلة.
ويمثل هذا المبلغ قيمة المساهمات السنوية التي وعدت الدول المتقدمة قبل عقد من الزمان بتخصيصها لمساعدة الدول الأقل ثراءً حتى تستطيع الأخيرة خفض انبعاثاتها والتكيف مع التغيرات المناخية.
وبهذا الشأن، قال لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك”، أكبر مجموعة لإدارة الأصول في العالم، في حديث لصحيفة نيويورك تايمز، إن الاستثمارات مكلفة جداً لكنها ضرورية لتجنب كارثة عالمية.
وأضاف “سوف يتطلب تحقيق هدف انعدام الانبعاثات استثمارات بقيمة تريليون دولار سنوياً في البلدان الفقيرة.
وأوضح أن هذه الدول تحتاج إلى 100 مليار دولار من المساعدات السنوية لتكون قابلة للاستمرار.
وأكد أنه “يجب على الدول الغنية تخصيص قدر أكبر من أموال دافعي الضرائب لضمان الانتقال في الخارج إلى انبعاثات كربونية معدومة”.
صندوق النقد.. استثمارات المناخ
ارتفعت استثمارات المناخ منذ مطلع 2020 وفقًا لصندوق النقد الدولي، بينما يوفر المستثمرون المستدامون والشركات “الخضراء” فوائد الاستقرار المالي لأنهم يميلون إلى أن يكونوا أقل حساسية للعائدات قصيرة الأجل وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي.
تشير البيانات الصادرة إلى أن نسبة الأموال المستدامة موجهة بالفعل نحو صندوق المناخ على وجه الخصوص 3.6% فقط، مع تخصيص 96.3% المتبقية للحد من الانبعاثات والوصول إلى مؤشرات أقل للانبعاثات الكربونية و غيرها من مشاريع الحد من التلوث البيئي.
يظل حجم “الاستثمارات المستدامة” المخصصة للتعامل مع تغير المناخ صغيرًا وفقًا للتقرير، حيث سجل نحو 3.6 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة في نهاية عام 2020، بينما تمثل الاستثمارات المخصصة للمناخ نحو 130 مليار دولار فقط.
ويمكن للقطاع المالي العالمي وقطاع صناديق الاستثمار أن يلعبا دورًا حاسمًا في تحفيز الاستثمار الخاص لتسريع الانتقال إلى اقتصاد مستدام، وبمعدلات انبعاثات كربون أقل والمساهمة في مواكبة تغيرات المناخ وفقًا للتقرير.
كما يشير التقرير إلى أهمية نشر الوعي بين المستثمرين بخصوص تداعيات الأحداث الكارثية التي تتصاعد وتيرتها في أعقاب التغير المناخي، بالاضافة إلى أهمية تدفق الاستثمارات “بشكل مستدام”.
البنك الدولي.. انبعاثات الزراعة
ذكر تقرير البنك الدولى أن الزراعة هي أكبر مستخدم للأراضي ومستهلك للمياه، بينما يمثل الإنتاج الغذائى والزراعي “المصادر الرئيسية” من أجل إطعام سكان العالم المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050.
ويشير التقرير إلى أهمية الاستثمار في هذه القطاعات، ولكن في الوقت نفسه، تنتج الزراعة وتغيير استخدام الأراضي نحو 25% من انبعاثات الغازات الدفيئة وتساهم بشكل ملحوظ في ارتفاع معدلات الكربون.
وبلغت التكلفة البيئية والصحية “الخفية” نحو 12 تريليون دولار سنويًا وفقًا لتقرير البنك الدولي.
وذكر التقرير أن أكبر مصادر الانبعاثات المرتبطة بالزراعة هي تحويل الأراضي، مثل تطهير الغابات من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى انبعاثات غاز الميثان من الماشية وزراعة الأرز وتصنيع أكسيد النايتروس من أجل إنتاج الأسمدة الصناعية.
دول معرضة للخطر
وفقا لتقرير صادر عن المخابرات الأمريكية، تم تحديد 11 دولة اعتبرتها المخابرات دولًا معرضة للخطر بشكل خاص، وهي أفغانستان وبورما والهند وباكستان وكوريا الشمالية وجواتيمالا وهايتي وهندوراس ونيكاراجوا وكولومبيا والعراق.
قالت الاستخبارات إن هذه الدول ضعيفة إلى أقصى حد “أمام التاثيرات المادية لتغير المناخ”، وأشارت إلى أن هذه الدول لا تمتلك القدرة على التكيف مع الأوضاع.
المنافسة على الموارد الطبيعية
وتضمن التقرير ملخص تحقيقات أجهزة الأمن الأمريكية، التي تشير إلى أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي “يزيد المنافسة الاستراتيجية للوصول إلى موارده الطبيعية”.
وصف التقرير الوضع في أماكن متعددة، وأكد أنه مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد حالات تقلب الطقس تتزايد مخاطر “حدوث نزاعات على المياه” والهجرة بحلول عام 2030.
وأضافت المخابرات الأمريكية أن معظم البلدان ستواجه “خيارات اقتصادية صعبة”، بينما سيجب أن تعتمد الدول على التقدم التكنولوجي لتقليل انبعاثاتها المحلية، لكن في نفس الوقت تحذر المخابرات من أن تكنولوجيا الهندسة الجيولوجية التي تهدف إلى تعديل بالمناخ والبيئة “قد تكون مصدرًا آخر للنزاع”.
ومن هنا أصبحت نتائج قمة المناخ في جلاسكو بعد النظر في الأهداف المطلوبة تحقيقها من أجل صفر انبعاثات مهمة بشكل كبير، لأنها قد تشكل تغيرا كبيرا في شكل العالم، بالعقدين الجاريي والمقبل، كما أن الميزانيات المالية والمساعدات التي سترصدها القمة للدول الفقيرة، قد تساعد كثيرا في تحقيق الهدف الذي يبحث عنه العالم.
العين الاخبارية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من العين الاخبارية