بر الوالدين من أعظم الحقوق على الإنسان
شيشي عععع ئئئئ واس داخليع / عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي مكة المكرمة / المدينة المنورة 23 ربيع الأول 1443 هـ الموافق 29 أكتوبر 2021 م واس أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه . وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم : إنَّ مما يجب على الإنسان في هذه الحياة الدنيا من الحقوق، حقان عظيمان أساسيان لا ينفكان عنه طول حياته وحتى بعد مماته ، وهما من باب مقابلة الإحسان بالإحسان ، والمعروف بالمعروف ، فالحق الأول هو حق خالقه ورازقه ومولاه ، فقد أوجده من العدم ، وخلقه فأحسن خلقه ، وسخر له مافي السموات ومافي الأرض جميعا منه ، فوجب على العبد حينئذ توحيد الخالق بالعبادة دون ما سواه والإيمان به وبرسله عليهم الصلاة والسلام والحق الثاني حق الوالدين ، فغير خاف على العاقل بعد لزوم حق المنعم عليه لزوم حق الوالدين عليه أيضًا ، قال تعالى:( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانا )، فقد أمر سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الوالدين وهو البر بهما. وأضاف : رجحت السنة المطهرة تقديم كفة الأمِّ في البر ففي الحديث الصحيح (( من أحقُّ الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أُمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أُمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟قال ثم أبوك )) رواه البخاري ومسلم، فقد حملت الأم بحمله أثقالا كثيرة ، ولقيت وقت وضعه مزعجات مثيرة ، وبالغت في تربيته ، وسهرت في رعايته ، وأعرضت عن جميع شهواتها لمداراته ، وقدمته على نفسها في كل حال ، تفرح لفرحه ، وتتألم لألمه وحزنه ، وإذا مرض مرضت معه، وإذا صار في دور العلم فكأنها هي التي تتعلم ، وإذا اختبر فكأنها هي التي تختبر ، وهكذا حتى يتم ، كل هذا يقع للأم . فهي المقدمة في حسن المعاشرة وفي حسن الصحبة والمخالطة فللأم ثلاثة أضعاف ما للأب، عَنْ آم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: ” كَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ? أَبَرَّ مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأُمِّهِمَا: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَحَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَأَمَّا عُثْمَانُ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَا قَدَرْتُ أَنْ أَتَأَمَّلَ أُمِّي مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَأَمَّا حَارِثَةُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَفْلِي رَأْسَ أُمِّهِ، وَيُطْعِمُهَا بِيَدِهِ، وَلَمْ يَسْتَفْهِمُهَا كَلَامًا قَطُّ تَأْمُرُ بِهِ حَتَّى يَسْأَلَ مَنْ عِنْدَهَا بَعْدُ أَنْ يَخْرُجَ، مَاذَا قَالَتْ أُمِّي؟ “وكان ابن سيرين رحمه الله إذا كلم أمه من لا يعرفه يظن أنه مريض ، وكأنه ضارع يتضرع بصوت منخفض جدا ، وبغاية التذلل والخضوع . وأبان فضيلته أن ضم الوالد إلى البر والإحسان إلى تسببه في إيجاده ، ومحبته بعد وجوده وشفقته وتربيته الكسبَ له والانفاق عليه ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد . رواه ابن حبان في صحيحه وقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ ذلك الباب أو دعه، أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد واللفظ له، والعاقل يعرف حق المحسن ويجتهد في مكافأته. وجهل الإنسان بحق المنعم من أخس صفاته لا سيما اذا أضاف إلى جحد الحق المقابلة بسوء الأدب، دل على خبث الطبع ولؤم الوضع وسوء المنقلب. وبين إمام المسجد الحرام أن البر طاعة للرحمن وخير وبركة للإنسان ، وسبب لاستجابة الدعاء ولسعة الرزق وطول العمر قال صلى الله عليه وآله وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه . رواه البخاري ومسلم، والبر بالوالدين من شيم الكرام ودليل على الفضل والكمال والبار قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة . وأوضح الشيخ الجهني أن البار بوالديه مهما بالغ في برهما لم يف بشكرهما قال رجل للصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها المناسك ، أتراني جزيتها ؟ قال : لا ، ولا بطلقة من طلقاتها وليحذر المسلم من عقوق الوالدين ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رَغِمَ أنْفُ ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ ، أحَدَهُما ، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ . وأردف قائلا إن عقوق الوالدين من صفات اللئام ، ودليل الخسة والرذالة ، والعاق بوالديه بعيد من الله ، وبعيد من الناس ، بعيد من الجنة ، قريب من النار . يقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق ، فإنه يعجل له في الدنيا ، وكما تدين تدان، فاتقوا الله أيها المسلمون في والديكم وقوموا بحقوقهما وقدموا رضاهما على كل شي على أنفسكم وأبنائكم وزوجاتكم تفلحوا وتسعدوا ورحم الله والدا أعان ولده على بره قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً ) وختم إمام وخطيب المسجد الحرام خطبته بأن الله سهل لنا طرق الخير ويسرها فمن مات والداه أو أحدهما ، فقد بقي من بر والديه الخير الكثير من الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما ، وكذلك إذا عُلم أن على الوالدين أو أحدهما دينا من صيام قضاه الولد عنه ، ويحج عنهما إذا لم يقوما بفريضة الحج ، وبذلك تبرأ ذمتهما أمام الله تعالى بعد موتهما وزيد في حسناتهما ولا ينقص من أجره شيئا ، مشيراً إلى اجتهادك في برهما بعد موتهما، يَمحو تقصيرك في حقهما حال حياتهما ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الْعَبْدَ لَيَمُوتُ وَالِدَاهُ أو أَحَدُهُمَا، وَإنه لهما لَعَاقٌّ، فلا يزالُ يدعو لهما، ويستغفرُ لهما، حتى يَكْتُبَهُ اللهُ بَارًّا”؛ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان. وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ أحمد بن طالب بن حميد المسلمين بتقوى الله . قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًايُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) وقال إمام وخطيب المسجد النبوي : إن الله تعالى امتن على المؤمنين بأن بعث محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه خير كتاب لخير أمة أخرجت للناس يهدي لأقوم سبيل وأهدى طريق والمخرج من الظلمات إلى النور بإذن الله ، هو الملاذ عند الفتن وهو المنقذ عن المصائب والمحن قال تعالى ((قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ )) . وأوضح فضيلته :أن الله تعالى أنزل القرآن الكريم فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل ، مبيناً أن من تركه تجبراً قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله ومن التمس العز بغيره أذله الله ومن طلب النصر بدون التحاكم إليه أرداه الله هو حبل الله المتين وهو الصراط المستقيم لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق عن كثرة الرد ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم . وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله تكفل لمن عمل به أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة قال تعالى ((فَمَنِ تَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشقَى . وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنكا وَنَحشُرُهُ يَومَ لقِيَـمَةِ أَعمَى . قال رَبِّ لِمَ حَشَرتَنِي أَعمَى وَقَد كُنتُ بَصِير .قَالَ كَذلِكَ أَتَتكَ ايَـتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليَومَ تُنسَى .وَكَذَلكَ نَجزِي مَن أَسرَفَ وَلَم يُؤمِن بِـايَـتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقَى )) وفي الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: ( إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا كِتَابَ اللَّهِ ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وأضاف فضيلته : في زمن كثرت فيه الفتن وتلاطمت فيه أمواج المحن واستحكمت فيه الشهوات وكثرت الشبهات وتعددت المشكلات والتحديات وكثر دعاة البدع والمنكرات وإنه لا خلاص من هذا كله ولا شد لأزر ولا رسوخ لقدم ولا أنس لنفس ولا تسلية لروح ولا تحقيق لوعد ولا أمن من عقاب ولا ثبوت لمعتقد ولا بقاء لذكر وأثر طيب إلا بأن يتجه المسلمون جميعاً حكاماً ومحكومين شعوباً ودولاً شباباً وشيبا رجالًا ونساء علماء وعامة اتجاهاً صحيحاً بكامل أحاسيسهم ومشاعرهم بقلوبهم وقوالبهم إلى كتاب الله تلاوة وتدبراً وتعلماً وتعليماً وعملاً وتطبيقاً فهو المعين العذب الذي لا ينضب مطلقا . وتابع : في زمن أعرض كثير من الناس عن القرآن ونأوا عنه فمن تأمل حياة كثير منهم وجد أنها لا تمت إلى القرآن بصلة والعياذ بالله فما أكثر المخالفات الموجودة وما أعظم الواجبات المفقودة . وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي أن الرفعة والقيادة والكرامة والريادة والعزة والسيادة في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة إنما هي لحملة كتاب الله العاملين به وهذا ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد جاءت السنة المطهرة منوهة بما حملة كتاب الله من الأجر والمكانة في الآخرة والأولى ، فيا له أيها المسلمون من فضل عظيم وثواب كبير لا يغفل عنه غافل تلك والله هي الغبطة الحقيقية فليست الغبطة والسعادة بحطام الدنيا الزائل ولا بالمفاخرة بالمراكب ولا بالمطاعم والمشارب والمساكن المراتب .
ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من