«الدبلوماسية الثقافية» فرس الرهان في مسار علاقة الرياض وبغداد
كيف ترى استضافة العراق كـ«ضيف شرف» في معرض الرياض؟
استضافة العراق كـ«ضيف شرف» في معرض الرياض الدولي للكتاب كانت فرصة كبيرة للتعرف على المؤسسات الثقافية الرسمية وغير الرسمية في المملكة، وفي الحقيقة إن وزير الثقافة والسياحة والآثار في العراق فاجأ الجميع بتواصله الثقافي العميق والواسع في المملكة، وهو ما منحني فرصة مهمة للتعرف على قائمة كبيرة من المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين والمراكز الثقافية في المملكة.
ما رؤيتك لحجم العلاقة التي تجمع البلدين الشقيقين حاليا؟
العلاقة بين المملكة والعراق وجميع دول الخليج علاقة خاصة، ودول الخليج العربي هي أقرب الدول العربية إلى العراق، والمشتركات فيما بيننا عديدة، والتقارب واضح سواء كان عائليا أم اجتماعيا، بالإضافة إلى العادات والتقاليد والامتداد الجغرافي، إلى جانب الشراكة الثقافية العميقة، والعراق في النهاية هو بلد عربي ولا بد أن نعرف هذا الأمر جيدا، نحن أمام مصير مشترك وليست مصالح مشتركة فقط، وبعد سنوات من الرؤيا الضبابية وتراكمات الظروف التي تعرض لها العراق، عادت العلاقات بين المملكة والعراق إلى طبيعتها، وتكللت الجهود بالنجاح في 2017، بصورة واضحة ورؤية متكاملة، وتأسس مجلس التنسيق السعودي العراقي الذي يعكس رؤية واضحة للعلاقة الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية بين البلدين.
هل الثقافة العراقية قادرة على العودة مجددا كما كانت في السابق؟
أرى أنه يجب على العراقيين أن يستخدموا الدبلوماسية الثقافية بحكم أن الثقافة العراقية محببة في المنطقة والمملكة على وجه الخصوص، وحضرت خلال الأيام الماضية حفلا فنيا للفنانين نصير شمة وسعدون جابر، وشاهدت بنفسي حجم حب السعوديين وتفاعلهم مع الأغاني العراقية، وكذلك تفاعل المثقفين السعوديين مع نظائرهم العراقيين من خلال الندوات التي أقيمت على هامش المعرض وهذا أمر جميل جدا، ويجب أن نشكر ونثمن مبادرة سمو وزير الثقافة في استضافة العراق كـ«ضيف شرف في معرض الرياض الدولي للكتاب»، وأعتقد أنها كانت مبادرة مهمة جدا أثبتت نجاحها، خاصة مع حضور وزير الثقافة العراقي برفقة 70 شخصية عراقية تمثل روافد الأدب والشعر والفن وجميع مجالات الرواية والتأليف، واتفق الوزيران على حضور وفد ثقافي سعودي إلى بغداد في أقرب فرصة ممكنة، لحضور المنتديات والفعاليات الثقافية التي تقام في بغداد.
هل تعتقد أن الوضع الأمني في بغداد يسمح باستقبال الوفد الثقافي السعودي؟
هناك رؤية سلبية وغير صحيحة عن الوضع الأمني العراقي، إذ إن العراق الآن يعيش حياة طبيعية سواء اجتماعيا أو ثقافيا أو أمنيا، بل إن العاصمة العراقية بغداد أصبحت من أكثر المدن ازدحاما بعد أن عادت فيها الحياة إلى طبيعتها، وأعتقد أن على الإعلام دورا مهما لتغيير الصورة السلبية التي تكونت عن العراق في المرحلة الماضية، وسأقترح على بغداد أن تستضيف الإعلاميين العرب لكي يتجولوا فيها ويشاهدوا كيف عادت الحياة إلى طبيعتها، وذلك لنقل الصورة الحقيقية، وأنا بصدد تقديم هذه الخطوة، وأعتقد أن هذه الصورة النمطية السلبية هي من تسببت في بطء التقارب بين العراق وجميع الدول العربية، وأنا متأكد من أن مشاركة العراق كـ«ضيف شرف» في معرض الرياض الدولي للكتاب كسرت هذا الحاجز.
ما مدى انعكاس هذه المشاركة على الشارع العراقي؟
في الحقيقة تعرضنا لضغط كبير جدا على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» من قبل العراقيين الراغبين في زيارة المملكة، والمشاركة في المواسم الرياضية والثقافية والترفيهية، وأنا التقيت رئيس الهيئة العامة للترفيه معالي المستشار تركي آل الشيخ، وتحدثت معه في هذا الأمر، وطلبت منه مشاركة العراقيين في موسم الرياض، ووعدني أنه سيتم العمل على ذلك، وفي الحقيقة لا نريد أن تقتصر زيارة العراقيين على مناسبات محددة، فاليوم أصبحت المملكة وجهة سياحية كبيرة جدا وتضم مشروعات ضخمة وواعدة مثل «نيوم» و«العلا» وغيرهما، بالإضافة إلى إستراتيجية رؤية 2030م التي تنبئ بمستقبل كبير للمملكة اقتصاديا وسياحيا وثقافيا، وسأعمل خلال الفترة القريبة على مشاركة وفد عراقي ثقافي يحمل عددا من الألوان العراقية مثل لون البصرة والبادية وكردستان العراق للمشاركة في الأجواء الثقافية، كوني مدركا أن الثقافة سوف تتخطى العوائق الموجودة، إذ إن الثقافة عابرة للحدود وتتسامى على الخلافات ويجب أن تستغل هذه الورقة لدعم أواصر العلاقة بين الشعبين الشقيقين وتجاوز القطيعة التي سببها احتلال الكويت، وأنا فوجئت حقيقة أن العلاقات الموجودة بين مثقفين تجاوزت 60 عاما، لكن الجيل الحالي يحتاج إلى المزيد من التعريف بالروابط الثقافية والتاريخية بين البلدين، من خلال المجال السياحي وإعادة المواسم الثقافية.
ما تقييمك لفعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب؟
شاهدت الوجود السعودي في معرض الرياض الدولي للكتاب في جميع الأيام بحكم زيارتي للمعرض بشكل يومي، وشاهدت حضورا سعوديا كبيرا، وشاهدت الشعب السعودي بجميع أطيافه؛ رجالا ونساء وأطفالا، والمعرض مزدحم على مدار الوقت، ما يدل على اهتمام السعوديين بالثقافة والقراءة والاطلاع.
كيف يرى العراقيون التقارب الذي تشهده الرياض وبغداد؟
حينما ذهب فريق المنتخب السعودي الأول لكرة القدم لخوض مباراة ودية في البصرة عام 2018 بعد 49 عاما من القطيعة، خرج العراقيون بفطرتهم للترحيب بإخوانهم وأشقائهم، وهذا دليل واضح على أن الساحة العراقية والشعب العراقي يميل جدا لإخوانه العرب، ويحب التقارب معهم، وأعتقد أن مجلس التنسيق السعودي العراقي سوف يزيد من الترابط بين الشعبين الشقيقين، وهناك عدة مفاهمات في مجالات مختلفة، مثل الربط الكهربائي والمنفذ الحدودي، إضافة إلى عدة مجالات أخرى اقتصادية وأمنية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى مزيد من الترابط بين الشعبين.
كيف ترى المملكة وتطوراتها المتسارعة حاليا؟
في الحقيقة لم أكن أتخيل أن المملكة بشكل عام والرياض تحديدا بهذا الشكل من التطور والنهضة، كما أنني زرت المنطقة الشرقية قبل فترة، وشهدت فيها أيضا تطورا كبيرا بشتى المجالات، وبالتأكيد كل ذلك نتاج لمستهدفات رؤية 2030 الطموحة، التي تحمل في تفاصيلها مبادرات عملاقة وكبيرة، والمملكة بثقلها مطالبة بالكثير، بحكم رمزيتها الدينية أولا، وثقلها العربي والعالمي والاقتصادي، وهي المسؤوليات التي تؤديها المملكة تجاه العرب والعالم أجمع بكفاءة عالية، إنسانيا وسياسيا واجتماعيا، ولا يمكن هنا تجاهل الدور الكبير الذي قدمته المملكة إزاء جائحة «كوفيد-19»، ما جعلها محط أنظار العالم.
ما رؤيتك لموسم الرياض؟
برنامج موسم الرياض واسع وكبير جدا ويحمل في تفاصيله أعدادا كبيرة ومناطق ترفيهية متعددة، وشاهدت إمكانات عالية للشباب السعودي، وأعتقد أن هذه فرصة لأبدي إعجابي بسياسة توطين الوظائف السعودية، إذ أعجبني جدا أن السعودي موجود ويعمل في كل مكان، وهذا شيء يثلج الصدر، وخطوة مهمة جدا في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
المملكة والخليج أقرب الدول العربية لبلادي جغرافيا ومجتمعيا
«مجلس التنسيق» فتح
آفاقا رحبة للتعاون المشترك
تلقينا طلبات عدد كبير من العراقيين لحضور موسم الرياض
صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم