إحالة ناشر البيانات المغلوطة لـ «مكافحة الفساد»
نشر المعلومات الحكومية غير الصحيحة «خط أحمر»
أكد مختصون أن نشر المعلومات غير الصحيحة خصوصاً عن الجهات الحكومية «خط أحمر»، إذ يؤثر بشكل عام، على الجهة نفسها، وعلى القطاعات المرتبطة بها كافة، ويسبب الكثير من اللغط بين أفراد المجتمع، مشددين على ضرورة التأني والتأكد من محتوى ما ينشر من كافة المعنيين في القطاعات وأخذ الموافقات اللازمة.
وأوضحوا في حديثهم لـ «اليوم» تعليقا على صدور توجيه أمس بفصل مدير الإدارة الإعلامية في الهيئة الملكية لمدينة الرياض والتحقيق مع كل من له علاقة حيال ما نشر حول قرار مجلس إدارة الهيئة بإطلاق استراتيجية مدينة الرياض 2030 في خبر غير صحيح ، أن ما يحدث في بعض القطاعات، من «عبث واستغلال»، يهدف للتلميع الإعلامي الخاص، والظهور الشخصي، دون تدريب أو إدراك لأهمية المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤول الإعلامي، يتسبب في حدوث كوارث إعلامية.
وضع إستراتيجية إعلامية للمؤسسات
قالت الكاتبة السعودية مها عبدالله: تحتاج أي مؤسسة أو جهة، لقسم إعلامي متكامل، لهُ رئيس وموظفون مختصون بوضع استراتيجية إعلامية وتنفيذها ومواجهة الجمهور لما فيه مصلحة الأطراف، أما ما يحدث على أرض الواقع فهو عبث واستغلال تكليف للتلميع الإعلامي الخاص والظهور الشخصي، ما ينتج عنه كوارث لكونهم غير مدربين على مسألة تمثيل الجهة والتحدث باسمها، وهذا الأمر عززته البرامج التلفزيونية غير الاحترافية بمحاول الحصول على مناصب حساسة كضيوف على اعتبار أنها سبق إعلامي، وهذا الأمر دليل على القصور الثقافي، والشواهد كثيرة لسقطات إعلامية تخص جهات حكومية، فقط لأنه ليس متخصصا بهذا الأمر، مبينة أن من الأخطاء الإعلامية استضافة الوزراء ووكلائهم، وذلك لأنهم لا يمثلون الوزارات -أي غير مالكين لها- وإنما مكلفون بها لمدة معينة، وحقيقةً هي ملك الحكومة والشعب، بالتالي من يجب أن يظهر هو المتحدث الرسمي باسمها فقط، والسبق الإعلامي ليس بجلب الهوية الأكثر حساسية، وإنما فيما تقدمه.
نشر الأكاذيب أخطر من الوباء
أضاف المستشار في قطاع الموارد البشرية والتدريب والتنمية الاجتماعية عبدالقادر مكي إن نشر الأكاذيب أخطر من الوباء، وكل من ينشر معلومات أو أخباراً أو بيانات أو شائعات على موقع إلكتروني أو أي شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة واقتصادها أو أي من مؤسساتها يعاقب حسب النظام، ولا يحق للمتحدث الرسمي أو غيره إطلاق الشائعات التي تكتسب زخماً بسبب عوامل رئيسة عدة أهمها سرعة واتساع نطاق الانتشار عبر الشبكات الاجتماعية وسهولة تجهيل مصدر الشائعة ومن يقف خلف إطلاقها، خصوصاً مع انتشار الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي وتوافر تقنيات تزييف الصور والفيديوهات لإضفاء صدقية مزيفة على محتوى الشائعة تساعد على انتشارهاـ إضافة إلى جهل معظم المتلقين للحقيقة وعدم وجود مراكز متخصصة لرصد ومكافحة الشائعات وقت الأزمات.
عقوبتان جنائية وتأديبية
أوضح الباحث القانوني فيصل الشاطري، أن المتحدث الرسمي للجهة هو الشخص المكلف بإذاعة ما يخصها من أخبار ومعلومات واتجاهات وقرارات، وهو المخول من صاحب الصلاحية في التعامل مع وسائل الإعلام، وبالتالي مع الرأي العام، لذلك هو يعتبر من المصادر الصحيحة التي يثق بها الجمهور ووسائل الإعلام في نقل الأخبار والمعلومات عن الجهات المتحدث عنها بالنيابة، وعندما يخل المتحدث الرسمي بعمله فإنه ليس كغيره من الإعلاميين لما يملكه من مميزات التحدث عن بعض الجهات الحكومية فيكون جزاؤه أيضًا مختلفا عن غيره.
وأضاف: عند نشره معلومات غير صحيحة أو مغلوطة قبل التثبت منها فإنه يكون عرضة للجزاء من شقين، الشق الأول الجنائي وهو نشر الإشاعات والأكاذيب ويحال للنيابة العامة للتحقيق معه عن مسؤوليته الجنائية في نشر الإشاعات والأخبار غير الصحيحة، والشق الثاني التأديبي فتحيله الجهة التابع لها إلى هيئة مكافحة الفساد للتحقيق معه إداريًا وعن مدى مخالفته للتعليمات والأنظمة المرعية في الجهة التابع لها ومن ثم إقامة دعوى تأديبية ضده في حال ثبوت إخلاله بالأنظمة والتعليمات.
السبق الصحفي يطيح بالمهنية
أضافت الكاتبة والأكاديمية بكلية التربية في جامعة جدة د. ميسون الدخيل إنه من المعروف والمتفق عليه في المجال الإعلامي المتخصص، التأكد من المعلومة قبل النشر، ليس فقط من أجل الحفاظ على المهنية، ولكن أيضا لتفادي أي تشويش وتضليل سوف يحدث بالتأكيد من جراء ذلك، وللأسف في مجال الإعلام اليوم نجد من يقلل من شأن المهنية على حساب الانتشار والسبق الصحفي، وسرعة تحرك الجهات المسؤولة في اتخاذ القرارات ضد هذه النوعية من الإعلاميين هو أفضل معالجة؛ بالمعاقبة والردع.
غياب الثقة لدى الجمهور
أكدت الأكاديمية د. عبلة مرشد، أن نشر أخبار مضللة أو غير صحيحة يسيء لمصداقية الجهات المسؤولة عنها كجهة تواصل إعلامي، بالإضافة إلى إساءته للجهة المعنية بالخبر في نشر أخبار غير صحيحة أو غير دقيقة عن جهودهم بما يولد عدم ثقة ما بين الجمهور والجهات المسؤولة في عدم التزامها بتنفيذ ما تنشره، وفي ذلك ترويج مضلل، وعليه فإنه من المطلوب أن يمر نشر الأخبار أو البيانات على أكثر من جهة أو مسؤول للتأكد من مصداقيته وموثوقيته، لأن تداول الأخبار غير الصحيحة من عامة الناس أمر رغم سوئه لكن يظل مقبولا، ولكن أن يصدر من جهة رسمية فذلك يحتاج إلى مراجعة الجهات المسؤولة عن النشر.
الدقة في نشر المحتوى
قال المحامي أحمد العشوان إنه وفقاً للأنظمة واللوائح التي نعمل بها في المملكة، فإن عقوبة إنتاج الشائعات التي تمس الشأن العام، قد تصل إلى السجن 5 سنوات، وأيضا غرامة تصل لـ 3 ملايين، بالإضافة إلى عقوبات أخرى.
ونوه «العشوان» بأننا نعيش حالياً في فضاء متسع والكل يصور ويوثق وينشر ما شاء، إلا أن هناك نظاما يطبق على الجميع، مشيراً إلى أن نشر الأخبار قبل التأكد من صحتها، وتصوير الأشخاص دون أخذ موافقتهم، وغيرها من الإجراءات حتماً ستكبد صاحبها عقوبات قاسية جداً، وذلك لأن النظام لم يغفل شاردة ولا واردة، إلا وسن لها إجراءات وعقوبات.
وأوضح أنه بين الفينة والأخرى، نشاهد مغردين يعتذرون عن اتهامات نشروها غير صحيحة، وهذا يؤشر على أهمية الرقابة الذاتية، وعدم نشر أي محتوى قبل التأكد من صحته، لافتا إلى أن العقوبات متنوعة ومختلفة، وكل قضية لها حيثياتها وأبعادها القانونية.
زيادة الاهتمام بإدارات الإعلام
أوصى الباحث في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، فيصل العنزي، بأهمية إشراك المتحدثين الإعلاميين الرسميين في وضع الخطط والبرامج الإعلامية للجهة، وعدم حصر دورهم في مهمة الرد والتوضيح، مع زيادة الاهتمام بإدارة العلاقات العامة من خلال تعيين المتخصصين وتقديم الدورات التي تساعدهم في أداء عملهم باحترافية ودقة، بوصفهم المساعد الرئيسي للمتحدث الإعلامي الرسمي والواجهة الرئيسية للمنظمة.
وأكد أهمية حرص المتحدثين الإعلاميين الرسميين في الجهات الحكومية على إنشاء حسابات خاصة بهم في مواقع التواصل الاجتماعي، كونها تأتي في مقدمة الوسائل التي يعتمد عليها الجمهور في الحصول على المعلومات، مشيرا إلى أهمية الدقة في نقل المعلومات والبيانات إلى الجماهير.
ولفت «العنزي» إلى أهمية اعتماد المتحدثين الإعلاميين الرسميين على اختيار استراتيجيات الرد المناسبة التي يستطيعون من خلالها إقناع الجماهير بما يريدون، مع ضرورة الاعتماد على الاستراتيجيات التي تعكس الأخلاقيات الإعلامية.
نظام الانضباط الوظيفي
ذكر المحكم الدولي والمستشار القانوني علي القريشي أنه في حالة تجاوز المتحدث الرسمي فالتعامل معه يكون وفق نظام الانضباط الوظيفي، والذي صدر في 25 مادة، ونص في مادته الثانية على حماية الوظيفة العامة، وضمان سير المرفق العام بانتظام، وحسن أداء الموظف لعمله؛ فيما نصت المادة الثالثة على أن النظام يسري على جميع الموظفين عدا من يعملون وفقًا لأنظمة ينظم فيها أي جزاء إداري وارد في النظام بقواعد خاصة؛ فيعاملون وفقًا لتلك القواعد، وفي حدود ما تتضمنه من أحكام.
وأوضح أن النظام تناول المخالفة التأديبية وهي: كل عمل، أو امتناع عن عمل، يصدر عن الموظف، يتضمن خروجًا على الواجبات، أو ارتكابًا للمحظورات الوظيفية المنصوص عليها نظامًا، أو يشكل مساسًا بشرف وكرامة الوظيفة.
ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من