الثورة الصناعية الرابعة تطرق أبوابنا
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
عقدت الأسبوع الماضي بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، القمة العالمية للذكاء الاصطناعي برعاية ولي العهد، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية». وهذه هي المرة الثانية التي تنظم «سدايا»، الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي مثل هذا المؤتمر، حيث تجاوز الحضور 10 آلاف شخص من السياسيين والمختصين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي في العالم. الأمر الذي يعني تحول المملكة إلى واحد من مراكز الذكاء الصناعي في العالم. ومن الواضح أن هذه العملية تقودها «نيوم» التي تحول الذكاء الاصطناعي إلى القلب النابض لها، مدشنة دخول الثورة الصناعية الرابعة إلى بلدنا على أوسع نطاق.
فهذه النقلة النوعية التي نعيشها ربما تكون الثالثة، فالنقلة الأولى جاءت بها أرامكو، التي وضعت الأساس لدخول بلدنا العصر الصناعي، والثانية كانت من خلال الصناعة البتروكيميائية في الجبيل وينبع، التي أحدثت نقلة نوعية في المملكة، وضاعفت من خطوط الارتباط الأمامية والخلفية بين الصناعة الاستخراجية والصناعة التحويلية، وها نحن أمام نقلة جديدة ستنقلنا إلى الاقتصاد الرقمي، وتفتح المجال لتطور نوعي في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
ومن الملاحظ، أن جميع هذه النقلات التي تمت منذ اكتشاف النفط في الثلاثينات من القرن المنصرم وحتى الآن، قد تمت بالاعتماد على تكثيف التقنية ورأس المال، وهذا يناسب بلد عدد سكانه ليس كبير مثل بلدنا، فالمملكة كانت ولا تزال من البلدان التي لديها طموحات أكثر مما لديها من بشر، ولهذا فنحن نستعين باليد العاملة الأجنبية لسد العجز في سوق العمل، وموازنة العرض مع الطلب.
إن كل نقلة من النقلات الثلاث التي حدثت، قد تركت أثرها البالغ على الاقتصاد والمجتمع، فإنشاء الصناعية النفطية الاستخراجية، قد أدى إلى إحداث طفرة هائلة، إذا بالإضافة إلى مضاعفة عائدات الميزانية، تطورت من العدم شريحة أصحاب الأعمال، الذين كان يطلق عليهم في البداية: تجار أرامكو، وذلك لأن المنشآت التي أقاموها تمت بدعم وتشجيع من أرامكو، لكي تستغني عن استيراد العديد من السلع الأجنبية باهظة الثمن، أما الصناعة البتروكيميائية، التي تم إنشاؤها في الثمانينات من القرن المنصرم، فقد ساهمت في نشوء العديد من المصانع والمنتجات المرتبطة بتسييل الغاز في الجبيل وينبع، وهذا أدى إلى مزيد من تكامل الاقتصاد مع بعضه.
واليوم نحن شهود على انتقال اقتصادنا إلى مرحلة نوعية جديدة أخرى، فتطور الاقتصاد الرقمي والذكاء الصناعي، الذي يتركز الآن في «نيوم»، سوف ينتقل إلى العديد من القطاعات وينتشر في كافة مجالات الحياة، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى تحول كبير في اقتصادنا وإحداث نقلة نوعية في بلدنا.