بعد جفاف قاسٍ.. المغرب يخطط لتحلية مليار متر مكعب سنوياً من مياه البحر
قال مسؤول مغربي كبير، إن الحكومة تهدف إلى تحلية مليار متر مكعب من مياه البحر سنوياً على المدى المتوسط إلى البعيد، لسد النقص في مياه الشرب والري، بينما تواجه البلاد موجة جفاف تعتبر الأسوأ منذ ثلاثة عقود.
قال المسؤول في المديرية العامة للماء التابعة لوزارة التجهيز والماء لوكالة “رويترز” أمس الأربعاء: “سيتم تعزيز مكتسبات تحلية مياه البحر عبر مشاريع في الأفق البعيد لبلوغ ما يناهز مليار متر مكعب على المدى المتوسط والبعيد في مختلف الأحواض ذات الواجهة الساحلية ببلادنا”.
وأشار المسؤول الحكومي، الذي فضل عدم نشر اسمه، إلى محطات تحلية المياه القائمة في عدد من المناطق الجنوبية، كمدينة العيون وبوجدور وطانطان، منذ تسعينيات القرن الماضي، لضعف الموارد المائية بهذه المناطق.
كما أنشأ المغرب محطتين لتحلية مياه البحر في السنتين الماضيتين، في كل من الحسيمة بالشمال وجهة أغادير في الجنوب.
قال المسؤول الحكومي إنه توجد حالياً محطة “قيد الدراسة بجهة الدارالبيضاء-سطات بسعة إجمالية 300 مليون متر مكعب في السنة، ومن المرتقب الشروع في إنجاز المرحلة الأولى منها بسعة 200 مليون متر مكعب في أفق 2023”.
وذكر أنه توجد مشاريع أخرى في طور الإنجاز في كل من مدن الداخلة وآسفي والجديدة وسيدي إفني وتزنيت وكلميم والصويرة والجهة الشرقية للمملكة.
وأضاف أن تمويل مشاريع تحلية مياه البحر في المغرب سيكون “عن طريق اعتماد شراكات بين القطاعين العام والخاص، للاستفادة من القدرات الابتكارية للقطاع الخاص في مجال تحلية مياه البحر، وكذا ضمان توفير الخدمات بصفة تعاقدية وتقديمها في الآجال المحددة وبالجودة المطلوبة”.
يقول المغرب إنه يواجه أسوأ أزمة جفاف في العقود الثلاثة الأخيرة، وقال العاهل المغربي في خطاب أمام البرلمان يوم 14 أكتوبر، إن “المغرب يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي” و”يمر بمرحلة جفاف صعبة”.
وأضاف: “لا يمكن حل جميع المشاكل بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة، رغم ضرورتها وأهميتها البالغة”.
وقال المسؤول الحكومي لـ “رويترز”، إن المغرب “شهد منذ بداية سبتمبر 2021 حتى أغسطس 2022، أمطاراً تراوح معدلها بين 22.3 ملليمتر و329 ملليمتراً، وهو ما يشكل عجزاً يقدر بنحو 47% على الصعيد الوطني مقارنة مع معدل التساقطات”.
وأضاف أن هذه الكميات المطرية نتج عنها “واردات مائية ضعيفة، حيث بلغ الحجم الإجمالي للواردات المائية المسجلة بمجموع السدود الكبرى للمملكة خلال نفس الفترة حوالي 1.98 مليار متر مكعب، وهو ما يشكل عجزاً يقدر بنحو 85% مقارنة بالمعدل السنوي للواردات المائية”.
يبلغ عدد السدود في المغرب نحو 104 سدود كبيرة و17 سدا صغيرا أو متوسط الحجم، بالإضافة إلى 67 شُيدت على بحيرات صغيرة وروافد أنهار، بسعة إجمالية تبلغ نحو 17.2 مليار متر مكعب.
وفيما يخص العام الحالي، فإن “الحجم الإجمالي للواردات المائية المسجلة بمجموع السدود الكبرى للمملكة خلال الفترة بين فاتح سبتمبر الماضي وإلى غاية 25 أكتوبر الحالي حوالي 403 ملايين متر مكعب وهو ما يشكل عجزاً بنسبة 38% مقارنة بالمعدل السنوي”.
وأضاف المسؤول المغربي أن الجفاف الذي يعيشه المغرب حاليا “أثر على التزود بماء الشرب في المجال الحضري بخلاف فترات الجفاف الماضية التي كان تأثيرها يقتصر على ماء الشرب في العالم القروي والأنشطة الفلاحية”.
وأضاف أن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير العاجلة لمواجهة هذا الوضع منها “تسريع أشغال تزويد المراكز القروية والدواوير (التجمعات السكنية في القرى) انطلاقاً من منظومات مائية مستدامة”، وكذلك “استكشاف واستغلال المياه الجوفية.. واستغلال محطة تحلية ماء البحر اشتوكة آيت باها (في الجنوب)”.
وذكر أن المغرب يعمل على “تعزيز أنظمة المراقبة المناخية والمائية وكذا التحذير من الفيضانات ودمجها مع أنظمة المعلومات الخاصة بالماء كأداة لتحقيق الإدارة الجيدة للمياه”، وكذلك “تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف لا سيما على المستوى الأفريقي ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من أجل دعم وتطوير قدرات البلاد لإدارة ظاهرة تغير المناخ والاستفادة من تجارب البلدان الأخرى في هذا المجال”.
وأضاف أن ذلك يتطلب استثمارات كبيرة “تتجاوز قدرة القطاع الواحد، وبالتالي تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات المالية الوطنية التي تهتم بالتنمية المستدامة، والمؤسسات الدولية بما في ذلك الآليات المالية الجديدة كصندوق المناخ الأخضر والأدوات المالية لبنوك التنمية متعددة الأطراف”.