من 9 إلى 23 جنيهاً للدولار.. كيف فقدت عملة مصر 150% من قيمتها في 6 سنوات؟
خاسراً 17% من قيمته في ساعات، هوى الجنيه المصري أمس الخميس، بعد أن قال البنك المركزي إنه يتجه نحو نظام عملة أكثر مرونة في إصلاح شامل للسياسات ساعد الحكومة في إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي.
تراجع الجنيه سريعاً إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار عند 23، متجاوزًا بذلك حجم انخفاض قيمته في 21 مارس عندما بدأت الحكومة دورة ثانية من التعويم الجزئي.
كان البنك المركزي رفع تكاليف الاقتراض بمقدار 200 نقطة أساس، في نفس اليوم خلال اجتماع استثنائي، لكن لا يزال سعر الفائدة الحقيقي للدولة أقل من الصفر، عند سالب 1.75٪.
قبل التطورات الأخيرة، قالت بعض من أكبر البنوك في العالم إن الجنيه كان مقوماً بـ “أعلى من قيمته”، حيث أثر الارتفاع المستمر في الدولار على عملات شركاء مصر التجاريين وأقرانهم من البلدان النامية. وقبل خفض قيمته بنحو 15٪ في مارس الماضي، حافظت مصر على استقرار عملتها مقابل الدولار لنحو عامين.
رحلة التعويم
بدأت رحلة “التعويم” الحديثة في نوفمبر 2016، عندما خفض الجنيه بما يقارب 50% من نحو 9 جنيهات للدولار إلى 13 جنيهاً، ليفقد بعدها أكثر من 100% من قيمته في غضون أسابيع فقط متجاوزاً مستوى 19 جنيهاً للدولار. تلتها خطوة أخرى في مارس الماضي خفضته بنحو 15%، ليأتي تعويم الأمس الذي قضم 17% إضافية من قيمة الجنيه وضعته عند 23 للدولار الواحد لأول مرة، لتكون عملة مصر بذلك قد خسرت أكثر من 150% في نحو 6 سنوات، وما يقارب 200% منذ بداية 2016.
رحلة الجنيه منذ التعويم الأول
ولدعم اقتصاد تضرر من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، توصلت مصر إلى اتفاق على مستوى الخبراء بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، والذي فضل سعر صرف أكثر مرونة كشرط للدعم المالي.
وقال مسؤولون حكوميون في مؤتمر صحافي يوم الخميس، إن مصر ستتلقى أيضًا 5 مليارات دولار من الشركاء الدوليين، مما يساعد البلاد على سد فجوات التمويل الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، طلبت مصر مليار دولار من صندوق الاستدامة الذي تم إنشاؤه حديثًا، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وقدرت مجموعة غولدمان ساكس وبنك أوف أميركا أن مصر قد تحتاج لتأمين 15 مليار دولار. وقد تعهدت دول خليجية بالفعل بتقديم أكثر من 20 مليار دولار في شكل ودائع واستثمارات.
مسار هبوطي متوقع
قال اقتصاديون في بنك غولدمان ساكس إن تحرك مصر يوم الخميس كان مفاجأة من حيث التوقيت، وأكبر أيضاً مما كانوا يتوقعون. وذكروا في تقرير أن “من المرجح أن يؤدي هذا إلى ضعف كبير في الجنيه في المدى القريب”.
في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، انخفض العقد لمدة 12 شهرًا على الجنيه إلى 26.2 لكل دولار، بينما انخفض عقد الثلاثة أشهر إلى 23.9.
السؤال الآن هو ما إذا كان مدى الدعم المالي لمصر كافياً لاستعادة ثقة المستثمرين في واحدة من أهم الأسواق الناشئة.