السر وراء خوف البشر من الذكاء الاصطناعي
السر وراء خوف البشر من الذكاء الاصطناعي هو احد الموضوعات التى لاقت العديد من عمليات البحث فى الفترة الاخيرة ولذلك نقدم لكم اليوم من خلال منصة تريند الخليج موضوع اليوم نتمنى لكم قراءة مفيدة وممتعة.
تريند الخليج – خاص
دائمًا ما يُربط مُصطلح الذكاء الاصطناعي أو الصُنعي “Artificial intelligence”، بأولئك الرجال الآليين الذين سيعملون في خدمة الإنسان لفترة من الزمن، ويجعلوننا نعيش حياة رغيدة قبل أن ينقلبوا علينا ليعيثوا فسادًا في كوكب الأرض، استجابة لثورات ربيع الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم، بما أن وظيفتهم الأساسية هي تقمُّص وظائف الإنسان.
واستمّر الارتباط ما بين المُصطلح وهذه الصورة لفترة طويلة، قبل أن تبدأ أشكال جديدة بالظهور، على غرار أجهزة التعرّف على الحروف داخل المستندات، أو الأنظمة التي تقيس درجة حرارة المنزل وتشغيل التكييف بناءً على الحاجة مثلًا، صحيح أن مثل هذه الوظائف لم تعد تُصنّف على أنها ذكاء اصطناعي، لكنها تُعطينا نظرة على الحال الذي آل إليه هذا المفهوم بعدما كان عظيمًا جدًا.
وبشكل عام جاء مُصطلح الذكاء الاصطناعي، تعريفًا للآلة القادرة على تحسّس المُحيط الموجودة به، ثم تنفيذ بعض المهام بفاعلية أكبر ونسبة نجاح أعلى من النسبة الخاصّة بالإنسان، فالإنسان كائن يمتلك العقل والحواس التي تؤهله، لتحسّس المحيط من حوله لتنفيذ مجموعة من المهام، دون معرفة نسبة النجاح أو الفشل فيها، وهنا يأتي دور ذكاء الآلة لزيادة احتمالية النجاح على حساب الفشل.
مجالات الذكاء الاصطناعي
بعد وضع تعريف واضح للذكاء الاصطناعي، وجد الكثير من الباحثين أن العملية أعقد جدًا، من تقمّص أو مُحاكاة عقل الإنسان والوصول إلى درجة ذكاء تفوقه، فالإنسان يحتاج من أجل اتخاذ قرار سليم للمرور بالكثير من المراحل، فهو أولًا يتعرّف على المحيط الموجود به، ثم يقوم الدماغ بتشكيل روابط لتفعيل مهارات حل المشاكل، التي تعتمد بدورها على قاعدة المعرفة الخاصة بالإنسان، دون نسيان وجود آليات أُخرى مثل التخطيط والتعلّم أثناء حل المُشكلة، والتواصل أثناء حل المشكلة نفسها أيضًا.
هذا ليس كل شيء، فأي ناتج يخرج إلى الإنسان أثناء حل المشكلة قد يكون إما حلًا لها أو تعقيدًا، وهنا يحتاج الإنسان إلى تلقّي هذه المُخرجات وتحليلها ثم القيام بردة فعل مناسبة، وهو أمر يتطلب نوع من الإبداع أيضًا.
هذا كُله مطلوب من الآلة، أو بالأصح من القائمين على برمجة الآلة وتطوير نظم الذكاء الاصطناعي الخاص بها، ومن هنا بدأت مُصطلحات مثل الذكاء الاصطناعي الضيّق “Narrow AI”، والذكاء الاصطناعي العام “General AI” بالظهور، لتحديد درجة تعقيد النظام والمهام التي يجب القيام بها.
بشكل عام، فإن ما نراه في حياتنا اليومية من أجهزة تعمل بخوارزميات ذكية، هي نظم تابعة للذكاء الاصطناعي الضيّق، فالمساعد الرقمي سيري “Siri” في أجهزة شركة “آبل” الذكية وحواسيبها، هو مثال على ذكاء اصطناعي ضيّق، كذلك هو الأمر في خوارزميات البحث الخاصّة بمُحرك بحث “غوغل”، أما الذكاء الاصطناعي العام فهو موجود في أنظمة مُعقّدة قليلًا، مثل حاسب “Alan Turing”.
تجربة “تيورينغ” وأمثلة الذكاء الاصطناعي
تُقدّم مُعظم الكتب المُتخصصة بتعليم الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا الموجهة إلى طلاب الجامعات، تجربة “تيورينغ Turing” على أنها أفضل مثال للذكاء الاصطناعي، وبشكل مُختصر هي تجربة قام بها العالم “آلان تيورينغ” عام 1950، تقتضي وجود ثلاثة أطراف الأول هو مجرد شخص لطرح الأسئلة، والطرفان الآخران للإجابة عنها أحدهما عبارة عن إنسان والثاني حاسب، ونجاح التجربة يقتضي أن يعرف السائل متى أجاب الإنسان ومتى أجاب الحاسب، أي أنه إذا فشل في تحديد المُجيب، فهذا يعني أن الآلة نجحت في تحقيق ذكاء الإنسان، وبالتالي يمكن النظر إليها على أنها مثال للذكاء الاصطناعي.
تجربة يعود عمرها للعام 1950، قد تبدو قديمة وغير منطقية خاصة في المجال التقني وهذا صحيح، خصوصًا أن الكثير من الأمثلة على الذكاء الاصطناعي موجودة في يومنا الحالي، من أبرزها تطبيق “فيسبوك ماسنجر” ومساعده الرقمي “M”، الذي فشل في الاختبار ولم تُحقق خوارزمياته الذكاء المطلوب.
طرح أحد مُهندسي البرمجيات، مجموعة من الأسئلة على مُساعد “فيسبوك” الرقمي، وتبيّن له أنه يدمج ما بين الإنسان والآلة، أي أن النظام يقف خلفه شخص للإجابة على الأسئلة التي يفشل المساعد في الإجابة عنها لوحده، وفي هذا المثال أصر النظام على أن له خوارزميات ذكية، لكن المُهندس وجّه له كثيرًا من الأسئلة المتتابعة ولاحظ أن الردود كانت بطيئة، وهي ظاهرة يجب ألا تكون موجودة في أنظمة الذكاء الاصطناعي أبدًا، دون نسيان الأخطاء الإملائية الموجودة بداخل الإجابات.
وهنا يجب التنويه إلى أن مساعد “ماسنجر” الرقمي، هو مثال على الذكاء الاصطناعي الضعيف أو الضيّق، وهذا يعني أن احتمالية فشله بشكل دائم في مُحاكاة عقل الإنسان واردة، على عكس الذكاء الاصطناعي العام أو القوي، الذي يعني أن النظام يجب أن يتفوّق على الإنسان بشكل دائم.
مخاطر الذكاء الاصطناعي
ومثلما هو حال كل شيء في هذه الدنيا، فإن الذكاء الاصطناعي له مخاطر مثلما له الكثير من الفوائد، بل بدأت بالظهور بعض المؤسسات التي تعنى بالبحث عن سُبل لتقليل مخاطر الأنظمة الذكية، دون نسيان مخاوف أشخاص مثل “إيلون موسك” و”بيل غيتس” و”ستيفن هوكينغ”، فالأول هو مؤسس شركة “تيسلا” وشركة “سبيس إكس”، والثاني مؤسس شركة “مايكروسوفت” الغني عن التعريف بكل تأكيد، ويأتي أخيرًا “هوكينغ” أحد أبرز عُلماء الفيزياء على مستوى العالم، أي أن ثلاثة من أعظم الشخصيات في العصر الحديث، أصرّوا على مخاوفهم من الذكاء الاصطناعي.
وتنشأ مثل هذه المخاوف، بسبب وجود أنظمة للتعلّم الذاتي ضمن أنظمة الذكاء الاصطناعي، وعلى سبيل المثال دعونا نتناول “سيري” ومحرك بحث “غوغل”، فالأول “سيري” مبني على خوارزميات للتعلّم الذاتي أو العميق، لكن “آبل” استخدمت خوارزميات لإضافة بيانات عشوائية، لكي تمنع الآلة من تعلّم بيانات عن المستخدم نفسه حفاظًا على خصوصيته، في حين أن الثاني محرك بحث “غوغل”، فإنه يُسجّل كل عمليات البحث التي يقوم بها المستخدم لتظهر له إعلانات مُتعلّقة باهتماماته، فحتى لو زار موقع “فراس. كوم”، فإن “غوغل” وأنظمتها سوف تتبع المستخدم لتجمع أكبر قدر ممكن من البيانات.
المشكلة أنه عند جمع البيانات فإن الآلة قد تُصبح مُدمرة وخطيرة، خصوصًا عند تطويرها مع طموحات لتجاوز ذكاء الإنسان، وهو ما تُركّز عليه نسبة كبيرة جدًا من الشركات المُتخصصة في هذا المجال، فتعريف الذكاء الاصطناعي يعني إتمام المهام بنسبة نجاح أعلى عند إتمامها عبر الآلة، وبالتالي السباق نحو تجاوز عقل الإنسان هو الأمر المُقلق بحد ذاته، طبعًا دون تجاهل الخوارزميات الموجودة في أجهزة وجدت لأدوات تخريبية بالأساس، فمثلًا صواريخ التتبع الحراري هي مثال بسيط على الذكاء الاصطناعي الذي يتحكم به الإنسان، لكن ماذا لو خرج التحكم من يد الإنسان، وتعلّم النظام وطوّر أساليبه الخاصّة التي قد تضر بالكوكب بأكمله؟ هذه هي المخاوف الأساسية التي يقلق منها الجميع، فهدف تطوير نظام ذكي جدًا موجود، لكن خروج كل شيء من بين يدي الإنسان، هو القلق الأكبر الذي تطمح جميع الشركات للحد منه بشكل أو بآخر.
وكمثال طريف على خطر الذكاء الاصطناعي على الإنسان، يمكننا الرجوع إلى “تاي Tay”، وهو برمجية ذكية طوّرتها “مايكروسوفت” واستخدمتها في حساب على شبكة تويتر الاجتماعية، كان الهدف من “تاي” الحديث مع المستخدمين والتعلّم منهم لتكوين شبكة معرفة خاصّة به لاستخدمها في الردود، لكن المفاجأة كانت بحجم الشتائم التي استخدمها فيما بعد للرد على الأسئلة المطروحة، مما اضطر “مايكروسوفت” لإيقافه وتعديل خوارزمياته وإعادته للحياة من جديد.
والعودة للمرّة الثانية لم تكن محمودة أبدًا، فهذه المرّة بدأ “تاي” بالترويج للمخدرات واستخدام كثير من الأمور المتعلّقة بها في تغريداته وردوده، وهذا يُعطي لنا صورة عن خطورة التعلّم الذاتي والعميق للآلة والخوارزميات، فهي كالطفل الصغير يُمكنها التقاط كل شيء بسهولة وحفظه لفترة طويلة من الزمن، دون معرفة الطريقة الصحيحة لاستخدامه، وبكل تأكيد لا يمكن للقائمين على النظام مراجعة كل معلومة أو جملة بشكل يدوي، لأن الآلة قد تحفظ ملايين الكلمات والمُصطلحات خلال دقيقة واحدة.
هذه المشاكل أدّت إلى توجه الباحثين في هذا المجال، إلى ترك ضرورة إنشاء نظام ذكي والخوض في آليات التعلّم الذاتي، لكي يُصبح النظام قادرًا على تعلّم الصواب من الخطأ، وهو أمر ليس بالهيّن لأن المشاعر تلعب دورًا بارزًا في حياة الإنسان في مرحلة التعلّم، على عكس الآلة التي قد لا تستطيع استخدام المشاعر أو فهم ماهيّتها بشكل صريح.
الرجل الآلي.. هل يجسد الخوف من الذكاء الاصطناعي؟
لا يُمكن أبدًا ربط الخوف من الشكل الأول للذكاء الاصطناعي والأشكال التي وصل إليها الآن، فهناك حاجة ومنتجات في السوق تقف وراء معظم القرارات التي تُتخذ في المجال التقني، فشركة “آبل” على سبيل المثال خرجت أولًا بحاسوب آي باد اللوحي، لكن “ستيف جوبز” توقّع حينها أن السوق ليس بحاجة إلى حواسيب لوحية، وحوّله إلى هاتف ذكي وأطلق آي فون للعالم. الأمر نفسه هنا، فخيال الإنسان صوّر له إمكانية تطوير رجال آليين يحاكون وظائفه وصوّرهم بالهيئة نفسها، لكن الواقع التقني الحالي لا يتّسع لهذه الأشكال، خصوصًا أننا نستعين بأجهزة مثل الساعات الذكية أو الهواتف بشكل يومي، لذا فالأفضل أن يتم تحويل الذكاء الاصطناعي واستخدامه في الأجهزة المتوفرة بين يدي المُستخدم، بمعنى آخر ليس الشكل هو ما يدل على مستوى الذكاء الاصطناعي، بل النظام الذي يعمل به الجهاز أيًا كان.
أخيرًا لكي نشاهد أمثلة على الذكاء الاصطناعي، فإننا لا نحتاج للذهاب إلى وادي السيليكون أو أي مكان آخر، فمحرك بحث “غوغل” مثلما ذكرنا هو مثال على الذكاء الاصطناعي، وكذلك مساعد غوغل “Google Assistant”، ومساعد آبل الرقمي “سيري”، وحتى نظام مراقبة درجة الحرارة في المنزل، أضف إلى كل ما سبق النظام المسؤول عن الركن الآلي في السيارات الحديثة، بل حتى نظام منع الاهتزاز في كاميرات الهواتف الذكية أو ما يُعرف بالمُثبّت البصري الرقمي، كل هذه أمثلة بسيطة على ذكاء اصطناعي يقوم بجمع المعلومات وتحليلها لاتخاذ القرار المناسب.
كانت هذه مقالة اليوم وتناولنا من خلالها اهم التفاصيل الخاصة بموضوع السر وراء خوف البشر من الذكاء الاصطناعي .