الشعر والأدب والكتابة الإبداعية على طريقة الذكاء الاصطناعي
الشعر والأدب والكتابة الإبداعية على طريقة الذكاء الاصطناعي هو احد الموضوعات التى لاقت العديد من عمليات البحث فى الفترة الاخيرة ولذلك نقدم لكم اليوم من خلال منصة تريند الخليج موضوع اليوم نتمنى لكم قراءة مفيدة وممتعة.
بعد الإشكالية التي طرحت حول جدوى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في الكتابة، كان لا بد من محاولة #الكتابة عن الموضوع بمشاركته وجعله جزءاً من هذه المقالة، كاتباً ومجيباً على الأسئلة.
فأتت الإجابة من أحد أشهر مواقع الذكاء الاصطناعي حول قدرته في الحلول مكان الكتابة الإبداعية بعد طرح سؤال على موقع ChatGPT إذا كان يمكن للذكاء الاصطناعي الحلول مكان الكتابة الإبداعية فأجاب حرفيا: “لا، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الكتابة الإبداعية. بينما يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء نص بناء على الأنماط التي تعلمها، إلا أنه يفتقر إلى القدرة على فهم المشاعر والتجارب ووجهات النظر البشرية والتعبير عنها حقاً، والتي تعتبر ضرورية للكتابة الإبداعية. تتطلب الكتابة الإبداعية خيالاً وإبداعاً وخبرات شخصية لا يمكن أن تأتي إلا من كاتب بشري. يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في عملية الكتابة، لكنه لا يمكنه أن يحل محل اللمسة الشخصية الفريدة التي يمكن للكاتب البشري أن يجلبها إلى قطعة من الكتابة”.
قد يبدو هذا الجواب متواضعاً، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة النصوص بطريقة محترفة جداً، فإذا نظرت ظاهرياً إلى الكتابة المتينة والمحبوكة بشكل جيد، ستجد نفسك أمام نص منهجي مرتب، يحتوي عناصر عدة مثل الكتابة الصحيحة في القواعد والإملاء والصياغة المتماسكة بالإضافة إلى كم المعلومات المطروحة، وإذا أمعنت النظر ستجد أنك أمام أسلوب متين إلا أنه يحتوي ثغرات عدة. فعادة يقوم بتكرار المضمون بطرق متعددة، وقد يأتي بمعلومات غير صحيحة، وتحتاج إلى التأكد والتدقيق، كما أن الصياغة تحتاج إلى تحرير وإعادة كتابة، ولكن مما لا شك فيه أنه قد يضيء على نقاط لم يفكر الكاتب أو الباحث بها، وزوايا قد لا تهمه، وهو يساعد في إعطاء شكل أولي لبناء كتابي معين قد يعتمد الكاتب جزءاً منه وقد يهمله.
محاكاة أسلوب القصائد
في هذه المقالة كان الطلب من موقع ChatGPT (الدردشة مع المحولات التوليدية المدربة مسبقاً) أن يكتب قصيدة يتغزّل بها بالذكاء الاصطناعي بأساليب لكتاب وشعراء راحلين ومعروفين مثل الكاتب البريطاني وليم شكسبير، والكاتب الأميركي إدغار آلان بو، والشاعر السوري نزار قباني، والشاعر الفلسطيني محمود درويش.
وإذا به يكتب بغضون ثوانٍ معدودة قصيدة جديدة بأسلوب شكسبير الراحل عام 1616 مستخدماً مفردات إنجليزية قديمة كان شكسبير يعتمدها في سوناتاته مثل thee وcanst وthou، فأنشأ هذه النص.
“أيها الذكاء الاصطناعي، أنت أعجب خلق للإنسان، أعجوبة التكنولوجيا والفن والعلم مجتمعة، عندك القدرة على المعالجة والتحليل والتفكير، وأداء المهام بسرعة تفوق البشر.
لكن هل أنت حقاً بديل للعقل البشري؟ هل يمكنك أن تشعر؟ هل يمكنك أن تحب؟ هل يمكنك أن تبتكر؟ أو أنك مجرد أداة، آلة مصممة للمحاكاة ولا تقدّر حقاً؟
أنت انعكاس لذكائنا، وحدود فهمنا ومهارتنا، لكنك ألست مجرد مقلد للسحر الذي يكمن في إرادة الإنسان؟
لذا دعنا نستخدمك، أيها الذكاء الاصطناعي، للمساعدة في تقدمنا، ولخدمتنا بالطرق التي قد نحتاجها، لكن دعونا لا ننسى أبداَ، أن الجمال والعجب بالعقل البشري دائماً يجب أن يكون سلالة نبيلة”.
أما في كتابة الفكرة ذاتها على طريقة الشاعر والكاتب إدغار آلان بو الذي توفي عام 1849 فقد اختلف الأسلوب واللغة، واستخدم في “النص الذكي” أيضاً بعض المرادفات التي كان يستخدمها بو كاستخدام بعض الكلمات في بداية الجمل مثل for وbut للوصول إلى الفكرة بطريقته الخاصة. وهذا النص الذي أنشأه.
الذكاء الاصطناعي، إبداع غريب وضخم، أعجوبة التكنولوجيا بقيادة الإنسان، بالدوائر الكهربائية والأسلاك والعقول المشفرة.
يعمل ويفكر بسرعة وعزم البرق.
يحاكي الفكر البشري بكياسة غريبة، ويحل المشاكل بكفاءة وسرعة.
ولكن هل يمتلك الروح والقلب اللذين يجعلاننا بشراً ويميزاننا عنه؟
يفتقر إلى المشاعر التي تقود أحلامنا، والشغف الذي يغذي نار كياننا.
لا يستطيع أن يحب، لا يشعر بالألم، هو ليس سوى آلة لا تحمل قلباً.
لذا دعونا نستخدم الذكاء الاصطناعي لصالحنا، لكن لا تنسوا أبداً أنه هو ليس بشرياً ولن يبقى.
فجمال الحياة وغموضها يكمن في داخلنا وليس في كفاح هذه الآلة.
بالشعر العربي
أما الكتابة باللغة العربية فكان على طريقة الشاعر نزار قباني، واستغرق وقتاً أطول بقليل مما احتاجه لصياغة النصين السابقين. فكتب:
“بسمة الذكاء الاصطناعي تعلو وسط حضن البشر بين المد والجزر.
ينتظر الوقت، فإن كان للقدر، فالمستقبل سيشهد تحولاً جديداً.
يُغيّر الذكاء الصناعي معالم الحياة.
يصقل الأعمال ويزيد الإنتاج.
يتوقف على مدى إبداع الخلاق
في تطويره ليبدع في كل الأوقات.
يفتح أبواب المعرفة ويوسع الآفاق.
يدخل العالم الرقمي على مسرح الأحداث، لكن يا للأسف هناك انقسام.
فالجهلة والمتخلفون يعتبرونه تهديداً.
يجهلون بأن الذكاء الاصطناعي يعين الإنسان على تحقيق التقدم.
فالمستقبل ينتظر متجدد العهد والذكاء الاصطناعي يعين على تحقيق الأمل الأبدي.
فلنتجاوز كل التحديات بالحضارة ونستقبل الذكاء الاصطناعي بالإيمان، فنحن معاً يداً بيد نمضي للأمام، ونبني المستقبل بالعلم والتكنولوجيا في عالم يضيء بالانتعاش”.
ويبدو أن النص على طريقة نزار قباني بعيد كل البعد عن مفردات وأسلوب قباني، وللتأكد من طريقة كتابته باللغة العربية كان الطلب أن يكتب عن الموضوع نفسه بأسلوب الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، فإذا بكتابة الكلمات تأخذ وقتاً طويلاً كأنه يحفر ويبحث بجهد بالغ واستغرق نحو 15 دقيقة ليكتب النص التالي:
“في هذا العالم، الذي يتغير بسرعة، يسكن الذكاء الاصطناعي مجتمع البشرية، يحلم الإنسان بالتقدم والرقي، بينما الذكاء الاصطناعي يسابق الزمن والمستقبل.
ينتظر المستقبل بلا نهاية ولا توقف في عالمٍ يمتد بعيداً، مليء بالإبداع والابتكار.
يحلم الإنسان بالتغيير، بينما الذكاء الاصطناعي يغير العالم كما يشاء.
يقتحم الذكاء الاصطناعي أركان الحياة، يحول الخيال إلى حقيقة، يحلم الإنسان بالأمل بينما يستمر الذكاء الاصطناعي في التقدم.
يخطو خطواتٍ ثابتة نحو المستقبل الزاهر.
يصمت الإنسان، والذكاء الاصطناعي يتحدث بلسان الرقم والحساب والمنطق والإبداع.
يقف الإنسان متفرجاً بينما يبدع الذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة.
يسكن الذكاء الاصطناعي عالمنا، وهو المفتاح للتغيير والتطور والنجاح. فدعونا نستخدم هذا القوة بحكمة بينما نمضي نحو المستقبل بخطواتٍ ثابتة، بأمل وإيمان”.
ومثل النص العربي السابق فإنه لا يقترب إلى أسلوب درويش. وبالطبع، فإن النصوص جميعها ينقصها الإبداع الشعري، ولأن الشاعرين قباني ودرويش يكتبان الشعر الحرّ من الأوزان والقوافي، جاء الطلب هذه المرة للكتابة على طريقة المتنبي الشاعر العربي الذي توفي عام 965.
فجاءت النتيجة محبطة للغاية، إذ كتب:
“فيا لهذا العلم السحري، الذي يتفوق حتى على العقول البشرية
يجيد الحساب والتحليل، ويصغّر المسافات الزمنية
كأنه مارد من الجنّ يعمل بجد ودقة، لا ينام ولا يكل،
يحمل في داخله عالماً من المعرفة، ويخلق مستقبلاً مذهلاً ومتألقاً.
يا لهذا الذكاء الاصطناعي، الذي تغنى به العصر،
فهو من نعم الله على الإنسان، ودليل على فضله وعطائه اللامحدود”.
كل ما كتب لا يعدو أن يكون سوى خوارزميات أنشأت نصوصاً وتقمصت أساليب أصحابها، لكنها لم تصل إلى مرحلة تلمس المشاعر، على رغم أنها تثير الدهشة بالإنجاز العلمي المتراكم ككرة الثلج، بخاصة أن الموضوع ذاته كتب بخمسة أساليب مختلفة.
الذكاء الاصطناعي العربي
وعلى رغم أن برنامج الدردشة الذكي يعين في البحث السريع، إلا أنه لن يصلح في الوقت الحالي للحلول مكان أي كتابة إبداعية. فهو ينحو باتجاه إعطاء المعلومات، ويحاول قدر الإمكان تقديمها بشكل علمي ومتجرد. ومما لا شك فيه أنه مثل أي أداة بحث أخرى غير مشبعة بالمعلومات باللغة العربية، فإنه يحتاج لوقت أطول وتأتي النتائج باللغة العربية هزيلة حتى لو كان الموضوع علمياً وغير مدعّم بالمشاعر.
ويستخدم الذكاء الاصطناعي لإنتاج نص تقنيات عديدة، فيدرَّب على مجموعة وافرة من النصوص والكتب والمقالات والقصائد ليتعلم على أنماط الكتابة، ليستطيع بعدها كتابتها تلقائياً باستخدام خوارزميات لإنشاء محتوى جديد متماسك ومتنوع يحاكي الأنماط الملقنة أو المكتسبة، ومع هذا فهو لا ينتج نصوصاً أصيلة، ولا يعدو أن يكون أداة لدعم وتعزيز الكتابة الإبداعية، وليس بديلاً عنها.
فهو يعالج النصوص من خلال استخدام تقنيات تسمى معالجة اللغة الطبيعية Natural language processing (NLP) وتعتبر قسماً صغيراً من الذكاء الاصطناعي، وتمكّن الآلات من فهم اللغة البشرية وتفسيرها وإعادة إنتاجها، وتشمل تقنيات مثل تحليل المشاعر والنصوص وترجمة اللغة والتعرف على الكلام مما يمنح أجهزة الكومبيوتر القدرة على فهم النص والكلمات بطرقة البشر، وذلك لأداء العديد من المهام المتعلقة باللغة. ولكن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي باللغة العربية يتطلب بيانات مكثفة، وتعتبر البيانات المتاحة في اللغة العربية بالمقارنة مع اللغات الأخرى مثل الإنجليزية قليلة جداً، كما تشكّل اللغة العربية بقواعدها وصرفها تحديات لخوارزميات البرمجة.
نقاط الضعف
وعلى رغم ما قاله “الشعراء العظماء بطريقة المحاكاة” تمجيداً في الذكاء الاصطناعي، إلا أن من الجدير ذكره أيضاً أن الذكاء الاصطناعي يبث ويرتب ويحلل ما لديه من بيانات، ما يجعل مزوديه المتحكمين به وبمن يعتمده من حيث انتقائية المعلومات وتحيّزها. وعلى رغم محاكاته لأسلوب البشر إلا أنه يفتقر إلى التحليلات التي يقوم بها الدماغ البشري معتمداً على معلوماته وطريقته في فهمها وتخزينها واستحضارها، كما أنه ككل برنامج حاسوبي معرّض للهجمات السيبيرية، وقد يتعرّض للتلاعب بالمعلومات ما يحدث ضرراً كبيراً إذا كان الأفراد يعتمدونه مرجعاً.
ويقول مهندس المعلوماتية جعفر كريم الذي ينشئ العقود الذكية للمواقع والعملات المشفرة أنه يستخدم ChatGPT في إعداد بعض وظائف العقود الذكية بناء على معطيات يقدمها له، ويؤكد على وجود خلل في أحيانٍ كثيرة إذ “يحتاج مَن يستخدمه إلى التأكد من المعلومات وتجربتها، فهو بالفعل يساعدني كمبرمج في عملي، لكن لا بدّ من ملاحظة الأخطاء التي يقوم بها، وبكل الأحوال في ختام ما يقدمه يكتب جملة مفادها بأنه من الضروري التأكد من المعلومات، وأنه ليس سوى نموذجاً لغوياً”. ويخبر كريم أن النسخة المجانية أصبحت بطيئة جداً ومحدودة، والنسخة المطورة التي تكلّف 20 دولاراً غير محدودة ويمكن استخدامها في أي وقت.
في السياق ذاته، يقول المهندس قدموس الخطيب إن ChatGPT هو نموذج كتابي يمثل جزءاً من OpenAI الذي يحتوي أيضاً على DALL-E2 المخصص لخلق الصور. ويضيف أنه يستخدمه لكتابة معظم النصوص التي يحتاجها مع تعديل بسيط، أما في عمله الهندسي فيحتاج إلى ChatGPT للبحث عن استشارات FIDIC (الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين) التي تستوجب اختصاصيين برواتب عالية، كما يستخدمه في كتابة كودات يستخدمها في برنامج excel وكذلك يكتب كودات AutoLISP لبرنامج Autocad يبرمجها ويدخلها إلى البرنامج الأصلي كأداة جديدة مساعدة.
ومع أن الذكاء الاصطناعي يعتبر مجالاً يحتوي على مجموعة واسعة من التقنيات والأدوات والتطبيقات التي تهدف إلى تمكين الآلات من أداء المهام الذكية والتفاعل مع العالم بطريقة أقرب إلى الإنسان، إلا أن الأخطاء التي ما زالت تشوبه في كتابة الأبحاث والنصوص وحتى المعادلات والكودات التي تحتاج جميعها إلى الدماغ البشري لتعديلها وتشذيبها وتصحيحها، تجعل منه طفلاً يتعلّم ويخزّن ولكن غير قابل أن يكون بديلاً للبشر بمهاراتهم وإبداعاتهم.
كانت هذه مقالة اليوم وتناولنا من خلالها اهم التفاصيل الخاصة بموضوع الشعر والأدب والكتابة الإبداعية على طريقة الذكاء الاصطناعي .