أول دليل على تصلّب الشرايين المحيطي في مومياء مصرية – صحيفة الإرادة
توثيق مرض تصلب الشرايين في المومياوات المصرية القديمة ليس جديداً، فقد ساعدت تقنية التصوير المقطعي المحوسب في اكتشافه بالشرايين الكبيرة، لكن لم تتضمن أي دراسة سابقة على المومياوات توثيقه في الشرايين الضيقة، وهي الحالة التي يطلق عليها «تصلب الشرايين المحيطي»، وهو ما يعطي دراسة أُجريت بالتعاون بين فريق بحثي من ألمانيا وبريطانيا، قيمة كبيرة، إذ حملت أول دليل على هذا النوع في المومياوات المصرية.
ومرض تصلب الشرايين المحيطي، مشكلة شائعة في الدورة الدموية تجعل الشرايين الضيقة تقلل من تدفق الدم إلى الأطراف، وهو ما يجعل الأطراف لا تتلقى ما يكفي من الدم لتلبية المتطلبات اللازمة، ويسبب هذا بعض الأعراض أبرزها ألم الساق عند المشي (العَرَج).
وإذا كان علاج هذه الحالة حديثاً يتم عبر مجموعة من الأدوية ونصائح تتضمن ممارسات صحية وغذائية، فإن الفريق البحثي من معهد علم الأمراض في ميونيخ بألمانيا، وكلية الطب بجامعة إيست أنجليا ببريطانيا، وثّق في هذه الدراسة أول عملية بتر في الأطراف عند المصري القديم، نتيجة لحدوث هذه الإصابة.
وقبل سنوات أعلن نفس الفريق البحثي اكتشافه لأول طرف صناعي مصنوع من الخشب، لتعويض فقدان الإصبع الكبير في القدم اليمنى لمومياء مصرية، لكن في هذه الدراسة الجديدة المنشورة في «المجلة الأوروبية لجراحات الأوعية الدموية وداخل الأوعية الدموية»، يقدم الفريق البحثي دليلاً يربط بين هذا البتر الذي حدث بالإصبع، والإصابة بمرض تصلب الشرايين المحيطي.
ويقول أندرياس نيرليش، من معهد علم الأمراض في ميونيخ، والباحث الرئيسي بالدراسة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «باستخدام التصوير المقطعي المحوسب، كشفت الأنسجة الرخوة المحنطة عن شريان محيطي صغير توجد به تكلسات غير منتظمة وبؤرية، ما يشير إلى تصلب الشرايين المحيطي، كما حملت نفس المومياء دليلاً على تصلب الشرايين الشائع، حيث تم توثيق حدوثه في الشريان الأورطي».
ولم يكن الفريق البحثي مهتماً بتوثيق التصلب في الشرايين الكبيرة قدر اهتمامه بالشريان المحيطي، لأن حدوث التصلب في الشرايين الكبيرة عند المصريين القدماء، كان منتشراً، كما هو الحال حديثاً، ولذلك تم توثيقه كثيراً، ولم تتضمن الدراسات السابقة توثيق مرض تصلب الشريان المحيطي (PAD)، الذي يصيب الشرايين الطرفية الأبعد، ولذلك فإن الحالة التي وثقتها الدراسة تسد فجوة في المعرفة، كما يؤكد نيرليش.
وعن أسباب ترجيحهم لاستخدام الطرف الصناعي التعويضي كعلاج للبتر الناتج عن الإصابة بتصلب الشرايين المحيطي، وليس كإجراء تجميلي يستخدم مع المومياء في الطقوس الجنائزية المصرية حتى تكون في أفضل حال بالعالم الآخر، يقول: «تأكدنا أن البتر تم بينما كانت المومياء على قيد الحياة، وليس كإجراء تجميلي بعد الوفاة، لأن موقع البتر كان مغطى بطبقة سليمة من الأنسجة الرخوة، بما في ذلك الجلد».